كيف تحقق الاستقلال المادي أو الحرية المالية

أحمد بكري

كي نبدأ بشكل صحيح، يجب أن تعلم أن أغلب ما تعلمته أثناء نموك عن المال والدخل وتكوين الثروة، وأن تحقق الاستقلال المادي والحرية المالية، ليس صحيحاً.

فكّر لثانية ممن تعلمت هذه الأمور وستجد – بنسبة كبيرة جداً – أنّهم لم يكونوا من الأثرياء بأنفسهم.

لماذا إذاً يجب عليك الاستماع إلى نصائحهم؟

أعتقد أن الوقت قد حان لتتعرف على الفرق بين الدخل المرتفع والثروة، وأهمية معرفة وضع الأصول الضريبية عند اختيار الاستثمارات.

وبعد الاطلاع على هذا التقرير التالي، سوف تعرف لماذا يُفلس بعض الرياضيين بسرعة على الرغم من حصولهم على 20 مليون دولار سنوياً، في حين يُمكن لسائق الحافلة التقاعد وقد أصبح مليونيراً وليس لديه أي مخاوف مالية.

عن طريق هذا الدليل، سوف يمكنك تحقيق الاستقلال المادي أو الحرية المالية من خلال اكتشاف بعض الأسرار التي تساعدك في إدارة المال.

1. الدخل لا يساوي الثروة

يعتقد معظم الناس أن المفتاح إلى تحقيق الثروة هو وظيفة ذات راتب مرتفع.

على الرغم من أنّ المزيد من الأموال كل شهر تسهّل الاستحواذ على الأصول، لكن السر الحقيقي لزيادة الثروة هو إنفاق أقل مما تكسب.

قد تعتقد أنّه مفهوم مبتذل “الإنفاق أقل مما تكسب” لكنّها القاعدة الأساسية لإدارة المال في هذا العالم.

للهروب من فخ الراتب الكبير، عليك أن تفهم أن الدخل ليس الثروة، لكن ما هي الثروة؟

الثروة هي جزء من صافي دخلك (الأصول ناقص الخصوم) التي تولّد مكاسب رأس المال، والدخل، ويمكن لها أن تعمل بدون تدخل منك.

على سبيل المثال، إذا كنت طبيب أو محامي سوف تحتاج إلى ساعات عمل طويلة بعد سنوات من التدريب والتعليم العالي للحصول على راتب.

في حين أنّك إذا ملكت مجموعة من الشركات الخاصة، أو النشاطات التجارية، أو الأسهم والسندات، أو صناديق الاستثمار المشتركة، أو العقارات، أو براءات الاختراع، أو غيرها من المولدات النقدية، بإمكانك الاسترخاء بجوار حمام السباحة في حين تعمل هذه النشاطات من أجلك.

القيمة الحقيقة هنا أن تحقق الاستقلال المادي بحيث يمكنك عدم مواصلة العمل في مهنتك الأساسية، حيث أنّ الثروة لا يمكنها أن تطردك من العمل، على عكس الوظائف العادية.

يُقاس مستوى الثروة من خلال حساب المدة الزمنية التي يمكنك فيها الحفاظ على مستوى المعيشة الحالي دون الحصول على راتب إضافي.

أو بعبارة أخرى، إذا توقفت عن العمل اليوم، كم من الوقت سوف يمكنك ممارسة نمط مشترياتك الحالي، من السيارات، والملابس، والترفيه، وغيرها؟

المشكلة أن الشخص العادي لا يفهم هذه الحقائق، مما يجعله يكسب المزيد والمزيد من الأموال شهرياً، لكن بدون محفظة استثمارات، لا يمكن أن تحقق الاستقلال المادي أو الحرية المالية.

2. يجب أن تملك فائض أموال للاستثمار

الطريقة الوحيدة للاستفادة من الفرص الاستثمارية، هي وجود المال الذي يمكن استثماره، وعلى رأي المثل القائل “القرش صيّاد”.

واقع الاستثمار الناجح هو أن تصل إلى نقطة معينة تجني من خلالها عائدات كبيرة عن أصولك الاستثمارية يمكن لها أن تغير حياتك.

على سبيل المثال، كسب عائد بنسبة 10% على مبلغ 10,000 درهم يبلغ 1000 درهم فقط، لكن وجود عائد بنفس النسبة على محفظة استثمار بقيمة 1,000,000 درهم يبلغ 100,000 درهم، ويُمكّنك من فعل الكثير.

يجب أن تعلم أن تكديس الثروة والوصول إلى الاستقلال المادي هي عملية بطيئة تستغرق الكثير من الوقت.

كما أنّها عملية تتكون من الكثير من الأشياء الصغيرة التي تفعلها يومياً، كأن تخفض النفقات اليومية، وتحاول تحقيق دخل إضافي، وفتح حساب وساطة للتعامل بالأسهم، أو غيرها من الأشياء.

مع مرور الوقت، سوف تجد أنّك وصلت إلى شيء ما.

الطريقة الوحيدة التي تُمكّنك من الحصول على فائض أموال نهاية كل شهر إمّا بزيادة الإيرادات (الراتب، المبيعات…إلخ) أو خفض التكاليف.

3. الثروة الحقيقية هي التحكّم في وقتك

متى تعرف أنّك حققت الاستقلال المادي أو الحرية المالية؟ عندما يكون لديك السيطرة الكاملة على وقتك اليومي.

بغض النظر عن مقدار المال الذي تجنيه، إذا لم تكن تفعل الأشياء التي تستمتع بها، فأنت لست غنياً.

في كل صباح، عندما تذهب إلى مكتبك، أو موقع عملك، يجب أن تشعر أنّك سعيد للغاية في كل مرة تفتح فيها الباب.

إذا وجدت أن مهنتك تمنحك هذا الشعور، ولديك انضباط فيما يخص التحكّم في التكاليف، فلديك ميزة كبيرة على منافسيك.

بسبب حبك للعمل، يمكنك الاستمرار فيه حتى 10 أو 15 أو 18 ساعة يومياً، وليس لأنّك بحاجة للعمل أو بحاجة للدخل منه، بل لأنّك تحبه ولا تستطيع الاستغناء عنه.

4. درجاتك العلمية لا تتعلق بالثروة

وفقاً لعقود من الأبحاث التي قام بها الكاتب توماس ج. ستانلي مؤلف كتاب The Millionaire Next Door، لا علاقة للدرجات المرتفعة في المدرسة بالثروة الاقتصادية والنجاح المالي.

لكن هذا لا يعني أن التعليم ليس مهماً، ففي الولايات المتحدة حصل أكثر من 90 في المائة من أصحاب الملايين على شهادة جامعية.

لماذا إذا يُخبر الآباء والمدرسون الأطفال الذين يحصلون على درجات منخفضة أنّهم لن يكونوا ناجحين؟ وفقاً لإحصائية ستانلي، يرجع السبب إلى أن هؤلاء الأشخاص نفسهم – الآباء والمدرسون – ليسوا ناجحين مالياً.

لذلك، ليس لديهم أي فكرة عن ما يتطلبه الأمر لتحقيق الاستقلال المادي أو الحرية المالية، وكل ما يركزون عليه هي الأسطورة القديمة “الطلاب ذوي الدرجات المرتفعة سوف ينجحون في الحياة”.

كما يفشلون – المدرسون والآباء – أيضاً في إدراك أن معظم أصحاب الملايين يرتدون الجينز والتيشيرت، وليس البدلة وربطة العنق.

أيضاً أصحاب الملايين يأكلون البرجر من ماكدونالدز، ويعيشون في أحياء عادية، لكن معظمهم يمتلك عمله الخاص.

5. اختيار الزوج/ة الصحيح/ة

بغض النظر عن نجاحك، ما لم يكن زوجك أو زوجتك على نفس الدرجة من الانضباط المالي، ويهتم بالاستثمار، فإن جهودك نحو حياة أفضل وتحقيق الاستقلال المادي سوف تصبح مثل النضال في الرمال المتحركة.

فعندما تتزوج الشخص الخطأ سوف تذهب كل جهودك المالية سدى، كما أن حالتك العاطفية والنفسية لن تكون على ما يرام.

لأنّه بينما تحاول أنت بناء حياة أفضل سوف تجد شريكك في الحياة ينفق المال على المظاهر التي لا تهم، مما يجعل الحرية المالية أمر مستحيل تحقيقه.

كي تبني حياة فعلاً، سوف تحتاج إلى شخص يمنحك الدعم اللازم للمجازفة، لأنّك في النهاية تعمل أنّك ستعود إلى المنزل لتجد شخص في انتظارك يحبك دون قيد أو شرط.

قد تتفاجئ عندما تعلم أن قدر كبير من النجاح يعتمد على المزاج الصحيح والنفسية السليمة.

اطرح على نفسك هذا السؤال: كيف يمكنك التركيز على عملك وبناء الحياة التي تحلم بها إذا كنت قلق على الوضع في المنزل؟

6. الأسواق المتخصصة مربحة

يشير الملياردير المستثمر “تشارلي مونجر” إلى أن رواد الأعمال يمكنهم تحقيق الكثير إذا تخصصوا في القطاعات المهملة في الاقتصاد.

في كثير من الأحيان تكون هذه التخصصات مربحة للغاية، لكنّها ليست جذابة بقدر الاستثمار في البورصة مثلاً.

هناك صناعات مثل إدارة النفايات (القمامة) أو الأكل السريع، أو محلات الملابس، أو شركات الشحن توجد بها الكثير من الأموال.

سام والتون على سبيل المثال بدأ من متجر مجوهرات صغير في أركنساس بالولايات المتحدة، ليُكوّن امبراطورية عائلة تقدّر قيمتها 125 مليار دولار حالياً.

الميزة في الصناعات المتخصصة أنّ التنافس فيها يكون منخفض مقارنةً بغيرها، ربما لأن الجميع يبحثون عن الشهرة أكثر من بحثهم عن المال، والصناعات المتخصصة لا تُعطي الشهرة الكافية.

فلن يكون الحديث جذاباً إذا كنت صاحب شركة متخصصة في إدارة النفايات، فالناس ترغب في الحديث مع رائد أعمال لشركة تقنية أو مشروع ناشئ.

شارك هذا المقال