لا يزال مجال الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) في مراحله المبكرة، وينطبق نفس الأمر على سوق الطرح العام الأولي حيث سجلت المنطقة ما يزيد على 50 طرحًا عامًا أوليًا بقليل، بينما في الهند مثلًا شهدت الدولة أكثر من 130 طرحًا عامًا أوليًا في آخر خمس سنوات.
ومع ذلك، تبدو المنطقة مهيأة لنمو هائل، حيث يُتوقع أن يتجاوز الاقتصاد الرقمي لمنطقة MENA ما يربو على 500 مليار دولار بحلول عام 2030، وتشهد في الوقت نفسه انطلاق أكثر من 300 شركة يونيكورن، حسب تقرير من ريد سير.
يرجع الكثير من هذا النمو إلى ظهور قطاعات ناشئة مثل التكنولوجيا الصحية وتكنولوجيا التعليم والتكنولوجيا المالية في الاقتصاد الرقمي للمنطقة.
كما ستفتح المبادرات التنظيمية والحكومية في جميع أنحاء المنطقة الكثير من الاستثمارات وتدفع النمو، هذا إلى جانب نمو عمليات الاندماج والاستحواذ في المنطقة.
وقال سانديب جانيدوالا، الشريك الإداري في ريد سير:
شهد سوق الاكتتاب العام نموًا مطردًا في السنوات الأخيرة، حيث تسعى المزيد من الشركات إلى زيادة رأس المال من الأسواق العامة، ويعزز حماس المستثمرين وثقتهم في الإمكانات الاقتصادية للمنطقة. تختلف اللوائح التي تحكم سوق الاكتتابات الأولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حسب الدولة، حيث أن لكل دولة إطارها القانوني والتنظيمي الخاص بعروض الأوراق المالية.
الاكتتابات العامة للشركات الناشئة في المنطقة
تهيمن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على سوق الاكتتابات العامة الأولية، ويمثلان جزءًا كبيرًا من إجمالي نشاط الاكتتاب العام في المنطقة.
تتمتع المنطقة أيضًا بمشهد رقمي قوي حيث ستكون بعض أكبر تكتلاتها جاهزة للاكتتاب العام على مدى السنوات القادمة.
وقال أكشاي جايابراكسان، الشريك المشارك في ريد سير:
تمتلك أكثر من 30 شركة في منطقة MENA أصولًا رقمية ستكون جاهزة للاكتتاب العام بحلول عام 2030.
بينما أشار جانيدوالا إلى أن الوقت الذي تصل فيه الشركة إلى مرحلة الاكتتاب العام يتم تحديده عن طريق عدة عوامل؛ مثل ظروف السوق السائدة، والبيئة التنظيمية، والخصائص الفريدة للشركة.
بشكل عام، كانت ظروف السوق الحالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مواتية نسبيًا للاكتتابات العامة الأولية مؤخرًا.
ويرجع ذلك إلى العدد المتزايد من المستثمرين المؤسسيين، فضلاً عن الاهتمام المتزايد من المستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن فرص في الأسواق الناشئة.
وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، لا تزال هناك تحديات قد تواجه الشركات عند سعيها للاكتتاب العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يمكن أن تشمل هذه عوامل مثل عدم الاستقرار السياسي والتقلب الاقتصادي وتقلبات العملة، والتي يمكن أن تجعل من الصعب إجراء تقييم دقيق لقيمة ومخاطر أسهم الشركة.
وفي حين أن سوق الاكتتابات الأولية في المنطقة أصغر مقارنة بالأسواق الأخرى، إلا أنها تستمر في النمو وتحظى باهتمام المستثمرين والشركات.
ومن أبرز الاكتتابات العامة التقنية التي شهدتها المنطقة، شركة جاهز السعودية في عام 2022، وفوري المصرية في عام 2019.
عوامل دفع النمو
جدير بالملاحظة في منطقة MENA عدد الشباب المزدهر، حيث بلغت حصة الاقتصاد الرقمي من الاستهلاك الخاص في المنطقة نسبة 5% في حقبة ما قبل الجائحة، حيث كان المتبنون الأوائل في مرحلة نموه هم في الغالب من المهتمين بالتكنولوجيا، والجيل زد، والمستهلكين الأثرياء.
شهدت هذه الفترة أيضًا ارتفاعًا حادًا في منتجات البقالة عبر الإنترنت وتوصيل الطعام ومنصات التجارة السريعة الأخرى. كما أدخلت الحكومات في منطقة MENA لوائح بشأن المدفوعات الرقمية لدفع المزيد من التبني.
يسير الاقتصاد الرقمي على المسار الصحيح ليشكل حوالي 23% من الاستهلاك الخاص في المنطقة، وينمو بمعدل أسرع 4 مرات من الإنفاق الاستهلاكي غير المتصل بالإنترنت.
يقول جانيدوالا: “بمتوسط عمر 26 عامًا، تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا موطنًا لسكان جاهزين رقميًا مع بنية تحتية لوجستية قوية، مما يجعل المنطقة أرضًا خصبة للحلول الرقمية”.
ويعد النهج المتعمد والقائم على الهدف ضروريًا للشركات لتكون جاهزة للاكتتاب العام مع التركيز على عوامل مثل العثور على القيادة الصحيحة في السوق، وامتلاك سوق إجمالي مرئي يمكن التعامل معه، وولاء العملاء، ومسار واضح للربحية.
يشدد التقرير أيضًا على الحاجة إلى بناء علاقة جيدة مع المستثمرين وتعزيز حوكمة الشركات للشركات التي تعمل في طريقها إلى الاكتتاب العام.
